قصيدة
مهيار الديلمي طاووس الشعراء

مهيار الديلمي
? - 428 هـ / ? - 1037 م
مهيار بن مرزويه، أبو الحسن الديلمي.
شاعر كبير في أسلوبه قوة وفي معانيه ابتكار، قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم
واقول
ماجاء من الشعراء بعده الا اشتهر ببعض ابيات مهيار لاحظوا الشعراء الذين اتوا من بعده كل الشعراء المشهورون قلدوه
لاحظوا انتم
----------------------------------------------------------------------------

ما لكمُ لا تغضبون للهوى
و تعرفون الغدرَ فيه والوفا
إن كنتمُ من أهله فانتصروا
من ظالمي أو فاخرجوا منه براَ
أما ترون كيف نام وحمى
عيني الكرى فلم ينم ظبيُ الحمى
و كيف خلاني بطيئا قدمى
عنه ومرّ سابقا مع الونى
غضبانُ يا لهفيَ كم أرضيته
لو كان يرضى المتجنى بالرضا
ما لدليلٍ نصلتْ ركابهُ
من الدجى حاملة ً شمسَ الضحى
ضلَّ ولو كان له قلبي اهتدى
بناره أو شام جفنيَّ سقى
قالوا الغضا ثم تنفستُ لهم
فهم يدوسون الحصا جمرَ الغضا
بين الحدوج مترفٌ يزعجهُ
لينُ مهادٍ ورفيقاتُ الخطا
عارضني يذكرني الغصنَ به
و أين منه ما استقام وانثنى
حيَّ وقربْ بالكثيب طارقا
من طيف حسناءَ على الخوفِ سرى
عاتبَ عنها واصفاً مودة
ً ما أسأرتْ إلا علالاتِ الكرى
أضمُّ جفنيَّ عليه فرقاً
من الصباح وعلى ذاك انجلى
كأنني عجباً به وشعفاً
محبة ُ العمدة ِ في حبَّ العلا
شمرَ للمجدِ وما تشمرتْ
له السنونَ يافعٌ كهلُ الحجا
و قام بالرأي فكان أولُ
من رأيه وآخرُ الحزمِ سوا
سما إلى الغاية حتى بلغتْ
همتهُ به السماءَ وسما
فابن الملوك بالملوك يقتدى
و ابن البحار بالبحار يبتغى
سكنتموها فاضحين جودها
مبخليها بالسماحِ والندى
نشلتم الملكَ وقد تهجمتْ
سائلة ٌ بلغت الماءَ الزبى
و اعترضت وجهَ الطريق حية
ٌ صماءُ لا تصغى لخدعاتِ الرقى َ
أنكر فيها الملكُ مجرى تاجهِ
و قام عن سريره وقد نبا
لفتْ على العراق شطراً وانثنت
لفارسٍ فدبَّ سمٌّ وسرى
لم تدرِ أنَّ بعمانَ حاوياً
ما خرزاتُ سحرهِ إلاّ الظبا
يتركها تفحصُ عن نيوبها
درداءُ تستافُ الترابَ باللها
سبقاً أتتك وحمتك حسرا
عن هذه الدولة هاذاك العشا
مهلا بني مكرمَ منْ سماحكم
قد أثمر المصفرُّ واخضرّ الثرى
إن كنتم الغيثَ تبارون به
فحسبكم ما يفعل الغيثُ كذا
يا نجمُ كانت مقلتي تنظرهُ
حتى استنار بدرَ تمًّ واستوى
صحبتهُ ريحانة ً فلم يزل
دعاى حتى طال غصنا ونما
اذكرْ ذكرتَ الخيرَ ما لم تنسهُ
من صحبتي ذكركَ أيامَ الصبا
و حرمة ً شروطها مكتوبة
ٌ على جبين المجدِ راعوا حقَّ ذا
ما نعمة ٌ تقسمها إلا أنا
بها أحقُّ من جميع منْ ترى
أيُّ جمالٍ زنتني اليومَ به
زانك بين الناس من مدحي غدا
لا تعدمَ الأيامُ أو عبيدكم
نعماء منكم تحتذى وتجتدى
و لا تزل أنتَ مدى الدهر لنا
كهفا إلى أن لا ترى الدهرَ مدى
كلُّ صباحٍ واجهتك شمسهُ
عيدٌ وكلُّ ليلة ٍ ليلُ منى
إن نحروا فرضاً فقم نافلة
فانحر عداك حسداً بلا مدى
و ابقَ على ما قد أحلَّ محرمٌ
و ما دعا عند الطوافِ وسعى
مهيار الديلمي
--------------------------------------------------------------------------------


كنتُ وأيّام المزار رخيّةٌ
عليَّ ورُخصُ الوصل لي فيك يُطمعُ
أعِزُّ فلا أعطي الهوى فيك حقَّه
من الشكر والمعطَى مع الكفرِ يُمنعُ
فلما استردّ الدهرُ منّي عطاءه
وعادت شُعوبٌ في الهوى تتصدعُ
قعدتُ مع الهجران أبكيه نادماً
وأسأل عنه ماضياً كيف يرجعُ
مهيار الديلمي
--------------------------------------------------------------------------------

إذا عمّ صحراءَ الغميرِ جدوبها
كفى دارَ هندٍ أنَّ جفني يصوبها
وقفتُ بها والطرفُ مما توحشتْ
طريدُ رباها والفؤادُ جذبيها
و قد درستْ إلا نشايا عواصفٌ
من الريح لم يفطنْ لهنّ هبوبها
خليليَّ هذي دار أنسى وربما
يبينُ بمشهودِ الأمور غيوبها
قفا نتطوعْ للوفاء بوقفةٍ
لعلّ المجازي بالوفاء يثيبها
فلا دارَ إلا أدمعٌ ووكيفها
و لا هندَ إلا أضلعٌ ووجيبها
و عيرتماني زفرة ً خفَّ وقدها
ملياً وعيناً أمس جفتْ غروبها
فإن تك نفسي أمس في سلوة ٍ جنتْ
فقد رجع اليومَ الهوى يستتيبها
و إن يفنِ يومُ البين جمة َ أدمعي
فعند جفوني للديار نصيبها
تكلفني هندٌ إذا التحتُ ظامئا
أمانيَّ لم تنهزْ لريًّ ذنوبها
و أطلبُ أقصى ودها أن أنالهُ
غلاباً وقد أعي الرجالَ غلوبها
بمنعطف الجزعين لمياءُ لو دعتْ
بمدينَ رهباناً صبتْ وصليبها
إذا نهض الجاراتُ أبطأَ دعصها
بنهضتها حتى يخَّ قضيبها
تبسمُ عن بيضٍ صوداعَ في الدجى
رقاقٍ ثناياها عذابٍ غروبها
إذا عادتِ المسواكَ كان تحية
ً كأنّ الذي مسّ المساويكَ طيبها
و كم دون هندٍ رضتُ من ظهرِ ليلة ٍ
أشدَّ من الأخطارِ فيها ركوبها
فنادمتها والخوفَ تروي عظامها ال
مدامُ ويروي بالبكاء شريبها
إذا شربتْ كأسا سقتني بمثلها
من الدمع حتى غاض دمعي وكوبها
حمى اللهُ بالوادي وجوها كواسيا
إذا أوجهٌ لم يكسَ حسنا سليبها
بواديَ ودَّ الحاضرون لو أنها
مواقعُ ما ألقتْ عليه طنوبها
إذا وصفَ الحسنَ البياضُ تطلعتْ
سواهمُ يفدي بالبياض شحوبها
و لله نفسٌ من نهاها عذولها
و من صونها يوم العذيبِ رقيبها
لكلَّ محبًّ يومَ يظفرُ ريبة
ٌ فسلْ خلواتي هل رأت ما يريبها
إذا اختلطت لذاتُ حبًّ بعارهِ
فأنعمها عندي الذي لا أصيبها
و ساء الغواني اليومَ إخلاقُ لمتى
فهل كان مما سرهنّ فشيبها
سواءٌ عليها كَثُّها ونسيلها
و ناصلها من عفتي وخضيبها
و تعجبُ أن حصتْ قوادمُ مفرقي
و أكثر أفعالِ الزمانِ عجيبها
و من لم تغيره الليالي بعدهِ
طوالَ سنيها غيرته خطوبها
إذا سلَّ سيفُ الدهر والمرءُ حاسرٌ
فأهون ما يلقي الرؤسَ مشيبها
يعدد أقوامٌ ذنوبَ زمانهم
فمن لي بأيامٍ تعدُّ ذنوبها
يقولون دارِ الناسَ ترطبْ أكفهم
و منْ ذا يداري صخرة ً ويذيبها
و ما أطمعتني أوجهٌ بابتسامها
فيؤيسني مما لديها قطوبها
و في الأرض أوراقُ الغنى لو جذبتها
لرفَّ على أيدي النوال رطيبها
إذا إبلي أمستْ تماطلُ رعيها
فهل ينفعني من بلادٍ خصيبها
عذيريَ من باغٍ يودّ لنفسهِ
نزاهة َ أخلاقي ويمسي يعيبها
إّذا قصرتْ عني خطاه أدبَّ لي
عقاربَ كيدٍ غيرُ جلدي نسيبها
و من أملي في سيد الوزراء لي
مطاعمُ يغني عن سواها كسوبها
إذا ما حمى مؤيدُ الملكِ حوزة ً
من الصمَّ يقدرْ عليها طلوبها
عليَّ ضوافٍ من سوالفِ طولهِ
يجررُ أذيالَ السحاب سحوبها
و عذراءَ عندي من نداهُ وثيبٍ
إذا جليتْ زانَ العقودَ تريبها
عوارفُ تأتي هذه إثرَ هذه
كما رافدتْ أعلى القناة ِ كعوبها
إذا عددَ المجدُ انبرينَ فوائتا
عقودَ البنانِ أن يعدَّ حسيبها
حلفتُ بمستنَّ البطاحِ وما
حوتْ أسابيعها من منسكٍ وحصيبها
و بالبدنِ مهداة ً تقادُ رقابها
موقفة ً أو واجباتٍ جنوبها
لقام إلى الدنيا فقام بأمرها
على فترة جلدُ الحصا وصليبها
و غيرانُ لا يرضيه إصلاحُ جسمه
بدارٍ إذا كان الفسادُ يشوبها
وقاها من الأطماع حتى لو أنه
جرى الدمُ فوق الأرض ما شمَّ ذيبها
و مدّ عليها حامياً يدَ مشبلٍ
له عصبة ٌ بعدَ النذير وثوبها
يدٌ كلُّ ريح تمتري ماءَ مزنها
فما ضرها ألاَّ تهبَّ جنوبها
أرى شبههُ الأيامَ عادتْ بصيرة
ً و مذنبها قد جاءَ وهو منيبها
و ذلتِ فأعطاها يدَ الصفح ماجدٌ
إذا سيلَ تراكُ الذحولِ وهوبها
لكَ اللهُ راعي دولة ٍ ريعَ سرحها
و راح أمام الطاردين عزيبها
طوتْ حسنها والماءُ تحت شفاهها
غراثاً وأدنى الأرض منها عشيبها
إذا ما تراغت تقتضي نصرَ ربها
فليس سوى أصدائها ما يجيبها
و قد غلب الطالينَ عرُّ جلودها
و فاتت أكفَّ الملحمينَ نقوبها
لها كلّ يوم ناشدٌ غير واحدٍ
تقفيَّ المنى َ آثارها فيخيبها
و مطلعٌ يقلي طريقَ خلاصها
فيمعي عليه سهلها وحزيبها
نفضتَ وفاضَ الرأي حتى انتقدتها
و ما كلُّ آراءِ الرجالِ مصيبها
محملة ً من ثقلِ منكَ أوسقاً
ينوء بها مركوبها وجنيبها
فعطفاً عليها الآنَ تصفُ حياضها
و تقبلْ مراعيها وتدملْ ندوبها
فما رأمتْ أبواءها عند مالكٍ
سواك ولا حنتْ لغيرك نيبها
تسربل بأثوابِ الوزارة إنها
لك انتصحتْ أردانها وجيوبها
و قد طالما منيتها الوصلَ معرضاً
و باعدتها من حيث أنتَ قريبها
و منَ يك مولاها الغريبَ وجارها
فأنت أخوها دنية ً ونسيبها
بلطفك في التدبير شابَ غلامها
على السيرة المثلى َ وشبَّ ربيبها
و قد ضامها قبلُ الولاة ُ وقصرتْ
قبائلها عن نصرها وشعوبها
فداك وقد كانوا فداءك منهمُ
جبانُ يدِ التدبير فينا غريبها
رمى بك في صدر الأمور ولم يخفْ
فلولَ ينوبِ الليثِ من يستنيبها
حملتَ له الأثقالَ والأرضُ تحته
و راعيته لما علته جنوبها
و آخرُ أرخى للنعيم عنانهُ
أخو الهزلِ ممراحُ العشايا لعوبها
تزحرفتِ الدنيا فصبا لها
مقارضة ً يخشى غداً ما ينوبها
و كان فتى أيامهِ وابنَ لينها
و أنت أبوها المتقي ومهيبها
و قاسٍ كأنَّ الجمرَ فلذة ُ كبده
يرى بالدماءِ نحلة ً يستذيبها
مخوفُ نواحي الخلقِ عجمٌ طباعهُ
إذا عولجت مرُّ اللحاظِ مريبها
إذا همَّ في أمرٍ بعاجلِ فتكة
ٍ على غرارٍ لم يلتفتْ ما عقيبها
و ذو لوثة ٍ مناهُ سلطانُ رأيه
منى ً غرهُ محداجها وكذوبها
و لم يك ذا خيرٍ فشاورَ شرهُ
و ما الشرُّ إلا أرضُ تيهٍ يجوبها
يواثب من ظهرْ الوزارة ريضاً
زلوقاً وقد أعيا الرجالَ ركوبها
و مدّ بكفَّ العنفِ فضلَ عنانها
فعادتْ له أفعى حداداً نيوبها
رمى الناس عن قوسٍ وأعجبُ منْ رمى
يدٌ أرسلتْ سهما فعادَ يصيبها
توقَّ خطاً لم تدرِ أين عثارها
فكم قدمٍ تسعى إلى ما يعيبها
و لا تحسبنْ كلَّ السحابِ مطيرة
ً فحاصبها من حيث يرجى صبيبها
و كم أصرمتْ تحت العصائب لقحة
ٌ و درتْ لغير العاصبين حلوبها
أبى اللهُ أن يشقي بك اللهُ أمة ً
أردتَ بها سقما وأنت طبيبها
تطأطأْ لمنْ قمتَ نالك جالسا
فما كلُّ أولادِ الظنونِ نجيبها
فقد دانت الدنيا لربَّ محاسنٍ
محاسنُ قومٍ آخرين عيوبها
فيا ناظماً عقدَ الكلام تمله
و يا ناشر النعماءِ حياكَ طيبها
إذا الأنفس اختصتْ بحبَّ فضيلة
ٍ سموتَ بنفسٍ كلُّ فضلٍ حبيبها
توافقَ فيك الناسُ حباً وأمطرتْ
بشكرك سحبُ القولِ حتى خلوبها
ملكتَ مكانَ الودّ من كلّ مهجة
ٍ كأنك لطفاً في النفوس قلوبها
إذا الشمس لم تطلعْ علينا
وأمرنا بكفك معقودٌ فدامَ مغيبها
أنا العبدُ أعطتك الكرامة ُ رقهُ
و جاءت به عفوا اليك ضروبها
رفعتَ بأوصافي طريفاً وتالداً
كواكبَ لي عمَّ البلادَ ثقوبها
و ميزتني حتى ملكتُ بوحدتي
نواصيَ هذا القولِ يضفو سبيبها
و كم أملٍ أسلفتُ نفسي ودعوة
ٍ قنطتُ لها واللهُ فيك مجيبها
بلغتُ الأماني فيك فابلغ بيَ التي
تنفسُ نفساً ملءُ صدري كروبها
و للدهر في حالي جروحٌ وإنه
بلحظك إن لاحظتَ يوسي رغيبها
و مهما تعرْ من نعمة ٍ فجزاؤها
على الله ثمَّ الشعرُ عن يثيبها
بكلّ شرودٍ يقطعُ الريحَ شوطها
و يسري أمامَ الغاسقات دبوبها
تزمُّ ليَ الأصواتُ يومَ بلاغها
إذا ما علا أعوادَ شعرٍ خطيبها
يروقكَ منها جزلها وحميسها
إذا راقَ من أبياتِ أخرى نسيبها
ترى الناسَ خلفي يلقطونَ بديدها
و يعجبهم من غير كدًّ غصوبها
جواهرُ لي تصديفها من بحورها
صحاحاً وللعادي المغيرِ ثقوبها
يمرُّ بها لا بائعا يستحلها
بملكٍ ولا مستوهبا يستطيبها
بقيتَ لها مستخدما حبراتها
و منتقداً ما حرها وجليبها
موسعة ً أيامُ ملككَ معوزاً
على الحادثاتِ أن يضيقَ رحيبها
و أعداكَ من شمسِ النهار خلوها
و إشراقها لكن عداك غروبها
مهيار الديلمي
----------------------------------------------------------------------------

إذا لم يقرِّبْ منك إلا التذلُّلُ
وعزَّ فؤادٌ فهو للبعد أحملُ
سلوناك لما كنتَ أوّلَ غادرٍ
وما راعنا في الحبِّ أنكَ أوّلُ
إذا أحدُ الحِبَّين كان ممرَّضاً
فأوفى الحبيبين الذي يَتَبدّلُ
وقالت مشيبٌ والجمالُ عدوُّهُ
فقلت خضبناه فأين التجمُّلُ
سوادان لكن مؤنسٌ ومنفِّرٌ
وما منهما إلا يحولُ فينصُلُ
وساترتُها سِنَّ الكمال بِصبغةٍ
رأتها فقالت صِبغةُ الله أفضلُ
وبغَّض خدّاً بالمشيب معنبراً
إليها عِذارٌ بالشبابِ مغلَّلُ
وكان بعيني شُعلةً وهو مظلمٌ
فصار بقلبي ظلمةً وهو مُشْعَلُ
سمحتُ ببذل العيش يا حارِ بعدكم
وكنت بكتمان النصيحة أبخلُ
وبتّ أرى أن الجفاء سَجيّةٌ
لكلّ خليلٍ والوفاءَ تعمُّلُ
وحَرَّم عزُّ الموسويِّ جوانبي
على الضّيم حتى جازها ما يحلِّلُ
أحقُّ بآمالي أخو كرمٍ أرى
بعينِ يقيني عنده ما أؤمِّلُ
ولما أتاح الدهرُ لي من لقائه
بشائرَ عَجلَى بالذي أتأجَّلُ
جلا ليَ وجهاً طالعاً من أُحبُّه
ومدّ يميناً حقُّها ما تُقَبَّلُ
فقلت أمصباحٌ أم الشمس أفتقت
وهذي اليد البيضاءُ أم فاضَ جدولُ
وناشرني ودّاً شككتُ لطيبه
أفغمةُ مسكٍ أم رداءٌ ممندَلُ
أبا القاسم استمتع بها نبويَّةً
تراجَعَ عنها الناسُ فيما توغَّلوا
محاسنُ إن سارت فقد سار كوكبٌ
بذكرك أو طارت فقد طار أجدلُ
تحدَّثَ عنها الناطقون وأصبحتْ
بها العيسُ تُحدَى والسوابقُ تصهَلُ
سما للعلا قومٌ سواك فلم تُنَلْ
سماؤك حتماً إن باعك أطولُ
وأغرى الكمالُ الحاسدين بأهله
قديماً ولكن داءُ شانيك أعضلُ
ألستَ من القوم استخفّت سيوفهم
رقابَ عِداً كانت على الموت تثقُلُ
طلوبين لحَّاقين عُصْمُ يلملمٍ
تَزاورُ عن أرماحهم ثم تنزِلُ
مشت فوق أنماط الملوك جيادُهم
وباتت بأعواد الأسرَّة تُعقَلُ
غلامُكمُ في الجحفل ابنُ عَجاجةٍ
مغيِّمةٍ من دَجْنها الدمُ يهطِلُ
يعانِقُ منه الموتَ عريانَ تحتها
شجاعٌ بغير الصبر لا يتنثَّلُ
وشيخُكُم في المحفِل ابنُ مهابةٍ
يوقَّرُ عزّاً بينكم ويبجَّلُ
غَنيٌّ ببادي رأيه عنه تَلِيِّهِ
صموتٌ كمكفىٍّ قؤولٌ فيفصِلُ
وكهلُكُمُ في فتكه وانبساطه
فتىً وفتاكم في الحجا متكهِّلُ
وأنتم ولاة الدِّين أربابُ حقّهِ
مُبِينُوه في آياته وهو مشكِلُ
مساقطُ وحيِ الله في جُحُراتكم
وبينكُمُ كان الكتاب يُنزَّلُ
يذادُ عن الحوض الشقيُّ ببغضكم
ويورَدُ من أحببتموه فينهَلُ
ختمتم على حرّ الخواطر أنه
لكم ما انتهى فكرٌ وأسمح مِقوَلُ
تؤدَّى فروضُ الشعرِ ما قيل فيكُمُ
وفي الناس إما جازَكم يتنقّلُ
نحمِّسُ من آثاركم وعلاكُمُ
وننسبُ من أحلامكم ونُغزِّلُ
لك الخير ظنّي في اعتلاقك عاذري
فلا تتركنْ يا حُرُّ وعدَك يُعذَلُ
لعمري وبعضُ الرَّيثِ خيرٌ مغبّةً
ولكن حسابُ الناس لي فيك أعجلُ
تشبَّثْ بها أكرومةً فيَّ إنها
كتابٌ يوَفَّى في يديك مسجَّلُ
وصبراً مضى شهر الصيام وغودرت
مغانيه حتى الحولِ تعفو وتعطُلُ
علمتُك حرّاناً عليه وبعضُهم
بفُرقته مستبشرٌ متهلِّلُ
تعفَّفتَ فاليومان عندك واحدٌ
وأحظاهما ما كان بالدِّين يُشغَلُ
تناهت بك الأيام حتى قد اغتدى
مهنِّيك عجزاً من مداهُنَّ ينكُلُ
فوالله ما أدري هل الدهر عارفٌ
بفضلك إلهاماً أم الدهرُ يَغفُلُ
----------------------------------------------------------------------------

حَمَلتْ ركابُ الغرب شمسَ شروقِ
وحملتُ منك العهدَ غيرَ مُطيقِ
عقدتْ ضمانَ وفائها من خصرها
فوهى كلا العقدين غيرَ وثيقِ
والغانياتُ بناتُ غدرٍ من أبٍ
يضربن في نسبٍ إليه عريقِ
ثاروا فكم قاسٍ عليّ فؤادُه
لو لم يدلِّسه لسانُ شفيقِ
للّه عينا مالىءٍ من لؤلؤٍ
عينيه يومَ وداعنا وعقيقِ
إن التي علَّقت قلبَك ودَّها
راحت بقلبٍ عنك غيرِ عَلوقِ
يا أهل عبدةَ هل يدٌ يفدَى بها
قلبٌ أسيرٌ بينكم لطليقِ
أشعرتكم زمناً بعبدةَ غيرها
لو رُجِّمَ المكروهُ بالموموقِ
للّه ناشطةٌ جمعتُ بودّها ال
محفوظِ باعي في حبالِ ربيقِ
ما كان أوّلُ عهد استودعته
من قلب غانيةٍ إناءَ مريقِ
ولقد أخالفهنَّ غاياتِ الهوى
وطريقُهن من الشبابِ طريقي
كان الهوى سكرانَ تنظر عينُه
حتى صحا فرأى بقلبِ مفيقِ
ونأيتُمُ ومن الغيوب مستَّر
بالإجتماع يبين بالتفريقِ
فانفس بنفسك أن تحطَّك حاجةٌ
إلا وصبرُك مشرفٌ من نِيقِ
وابرز لهم جَلْداً وغصنُك مصفِرٌ
تنفي الشماتة في اهتزاز وريقِ
كم باطنٍ غالطتُ وهو مرمَّقٌ
عنه الحسودَ بظاهر مرموقِ
والناس أهلُ الواحدِ المثرى وأع
داءُ المقلِّ بمعشرٍ وفريقِ
سلني بهم فلقد حلبت أمورَهم
شطرين من محضٍ ومن ممذوقِ
وخبرتُهم خُبرَ اللبيب طباعَه
فمعي على سَعةٍ عليَّ لضيقِ
ما إن ضننتُ على الظنون بصاحبٍ
إلا سمحت به على التحقيقِ
لا يُضحك الأيامَ كذبُ مطامعي
إلا إذا طالبتُها بصديقِ
بخلوا بما وجدوا فلو قدروا لما
وجدت لهاةٌ أن تُبَلَّ بِريقِ
ويئستُ حتى لو بصُرت بنارِهم
لِقرىً شككتُ وقلتُ نارُ حريقِ
ضحكتْ ليَ الأيامُ بعدَ عُبوسها
بابن النبيّ عن المنى المصدوقِ
آنست منه بوارقاً أمطرنني
ماءَ الحفاظِ على خِلاب بروقي
شرفٌ تنفّس فجرُه عن غُرَّتَيْ
جدٍّ نبيٍّ أو أبٍ صِدِّيقِ
نسبٌ تعثَّرُ منه لو عَرضتْ له ال
أفلاكُ في صعبِ المجَاز زليقِ
أرِجُ المنفَّس خِيلَ واصفُ طِيبهِ
عَيّاً بمسك الفارةِ المفتوقِ
وإذا قريشٌ طاولت بفخارها
في عصر إيمان وعهدِ فسوقِ
بنتم كما بانت على أخواتها
بِمنى ليالي النحرِ والتشريقِ
تتوارثون الأرضَ إرثَ فريضةٍ
وتُملَّكون الناسَ مِلكَ حقوقِ
يفديك مستعرٌ عليك فؤادُه
حسدَ الحضيضِ محلَّة العيُّوقِ
تفضي صفاتُك بين أضلعه إلى
جُرح على سَبر الأساةِ عميقِ
لحق انتسابُك باتفاقٍ عزَّه
فأراد فضلَك عامداً بلُحوقِ
حتى إذا المضمار ضمكما درى
أن السوادَ لجبهة المسبوقِ
لما ادعى وأبيتَ نَكَّس رأسَه
خجلَ المفاخِر بالأب المسروقِ
اِسمع فقلبي من سماع معاشرٍ
خُرْسٍ مكارمُهم لكلِّ نطوقِ
صمُّوا فماً فرقوا نِدايَ نِداهُمُ
ما قلتُ أم في الضأن كان نعيقي
في كلِّ يومٍ بنتَ فكرٍ حرّةً
تَغنَى ببهجتها عن التنميقِ
حمّلنها كدرَ الهموم وأنجبتْ
فصفت خلوصَ الخمر بالراووقِ
لم يُجدِ لي تعبي بها فكأنني
فيما يخيبُ ولدتُها لعقوقِ
مهيار الديلمي
----------------------------------------------------------------------------
مَن مُوصلٌ بالسؤال والقَسَمِ
إليّ عِلماً عن دارة العَلمِ
أُحدوثة تنسَخ الغليلَ فيل
تام من القلب غيرُ ملتئمِ
هيهات نجدٌ والمخبرون به
قلَّ عَناءُ السؤَال من أممِ
ليس سوى نفحِة الصَّبا لك أو
لمحةِ برقٍ بالغور مبتسمِ
وخادعاتٍ وهْناً يصانعك ال
ليلُ بها من كواذب الحُلُمِ
تطرُقُ لقطَ القَطاةِ خائفةً
مكايدَ الراصدين في الطُّعُمِ
نمتُ لها نومةَ المُريب وأص
حابي هجودٌ من جانبَيْ إِضمِ
والليلُ تسري نجومُه الشهبُ في
جحافلٍ من خيوله الدّهُمِ
فزارنا قُرِّبَتْ زيارته
من آنسٍ بالظلام محتشِمِ
يعرف رحلي من الركاب برجْ
عات التشكِّي وأنّةِ السَّقمِ
ثم دنا جاذباً عِطافِيَ وال
خوفُ يلوّي منه فقال قمِ
قم لي فلولاك لم أجُبْ خطراً
قلت ولولا سراكَ لم أنمِ
أُكرومةٌ للدجى وهبت ذنو
ب الصبح فيها لشافع الظُّلمِ
وعارضٍ تصبح البلادُ به
في نعمةٍ من مواهب الديَمِ
عدَّلَ حتى تلاحق الحَزنُ بال
سهل وسَوّى الجِفارَ بالأُطُمِ
راخَى له المِرزمانِ وانشالت ال
عقربُ عن كلِّ هاجم عَرِمِ
يوغِلُ في الأرض ماؤه مُولِداً
منها بطونَ الحوائِل العُقُمِ
ترى القراراتِ منه رافلةً
في أزُرٍ من عمائم الأكَمِ
تقولُ عنه الرياضُ مفصِحةً
أحسنَ ما قال شاكرُ النِّعمِ
كأنما الله قبلَه قطّ ما
قلّد أرضاً صنيعةً لسُمِي
تعبث آثارُه بمُشعرةِ ال
أعضادِ قرعَ الجنُوبِ واللِّممِ
قد أكلَ الجدبُ أطيبيها فلم
يَبقَ سوى رسمها لمرتسمِ
بعيدة العهدِ بالعشيب من ال
أرض ورقراقِ مائها الشَّبمِ
تنهضُ أشباحُها النواحلُ في
حاجاتنا بالجسائم العُظُمِ
تطلب من ذي الرياستين قَرَا ال
ركبِ ونارَ القِرَى على العلَمِ
وعزّةَ الجارِ في ربيعةَ وال
دارِ وأمنَ الحمام في الحرَمِ
والقائلِ الفاعلِ الذي سِيط جُو
دُ العُرْبِ منه بطيبة العَجَمِ
تزجرها باسمه الحُداة فتن
قاد بغير الخِشاشِ والخُطُمِ
فخَلِّ عنها لسّاً ومَضمضَةً
ثم استقِمْ في السُّرى بها ورُمِ
فاليومَ ترعَى وادي الغضا وغداً
ترعَى بنعماه واديَ الكرمِ
يبلُغنَ لا ضَيِّقَ الخِناق من ال
عَيِّ ولا مسنداً من السأمِ
ولا قصير الإزار إن جذبَ ال
جدبُ بأذيال خائِض القُحَمِ
أملس لا تعلَقُ العيوبُ به
معطَّر العِرض أبيض الشِّيَمِ
غضبان مما غار الأبيُّ له
وفي الرضا شُهدةٌ لملتقمِ
إما ترى ما لديه قسراً فخذ
عنه وإما سألت فاحتكمِ
عسفاً ولطفاً ويجمع الماء وال
نار غرار المهنّد الخَذِمِ
جاد فقال اللّوام حسبُك فاز
داد فقالوا ياليت لم نَلُمِ
وذوّقوه العقبَى فقال لها
عُدّةُ صبري وجامعُ الرِّممِ
أعجبُ من عاملِ الرزق عدوٌّ
قاسمُ الرزق غيرُ متَّهمِ
لله والمجدِ والحفيظة وال
عزائم العالياتِ والهممِ
ما ضُمِّنَتْ من أبي المعالي حُبَى ال
دستِ وأدَّتْ جوامعُ الكَلمِ
وربّ عوصاءَ تعصِب الفمَ بال
ريق وتهفو بالناطقِ الخصِمِ
نافرةِ الجانبين مبهمة ال
وجهِ على جامع ومنتظمِ
عزَّت على القائلين وهي له
تَذِلُّ بين اللسان والقلمِ
تفعل خرساءَ في صحائفها
فعلَ زئير الآسادِ في الأجَمِ
كأنه من ردَى النفوس بها
يكتبها في طروسها بدمِ
فضائل إرثها ومكسبها
له بحق الحِدْثانِ والقِدمِ
ياابن المحامين عن حقائقهم
في الصبح والمطعمين في العَتَمِ
والضاربين العدا بحدّهِمُ
والبالغين المدى بجِدّهِمِ
مشى على الدهر ملكُكم يفعاً
وعانِساً مشرِفاً على الهرَمِ
ورضتُمُ أظهُرَ الليالي المقا
ديمِ وطُلتُم سوالفَ الأُمَمِ
قد أصلح الناسَ سعيُكم لهمُ
وأفسد الناسَ لطفُكم بهِمِ
وقلَّبتْكم أيدي الملوك فلم
يغمِزْ قناكم عارٌ ولم يَصِمِ
واستصرخوكم مستضعفين على
حربٍ فكنتم أنصارَ ملكهمِ
واستقدحوا رأيَكم فأرشدَهم
والنصحُ حيرانُ والصوابُ عمِي
فلا تزعزعْكم الخطوب ولا
تدخُلْ عليكم صوارفُ النِّعمِ
ولا تزلْ منكم الأساورُ وال
تيجانُ فوق الأكفِّ والقِممِ
شريتكم بالورى فما قرَع ال
غبْنُ بظُفري سنِّي من الندمِ
وصرتُ منكم بحكمِ كلِّ فتىً
منكم لحقّ الوفاء ملتزمِ
دستُ رؤوسَ العدا بمجدكُمُ
وهان هاماتُهم على قدمي
لففتموني بعِيصكم فسرَت
عروقُ عبد الرحيم في رحمي
لكن هَناتٌ تعرو فتلفِتُ عن
حقّي وتُقصي القريبَ من ذممي
وشاغلاتٌ حوادثٌ صَرفتْ
وجوهَكم عن حقوقِيَ القُدُمِ
ألقاكُمُ آنساً فيرجعُ بي
إعراضُكم في ثيابِ محتشمِ
ملالةٌ والمزار غِبٌّ وإق
صاءٌ بلا زَلَّةٍ ولا جُرُمِ
وجفوةٌ لو شربتُها في إنا
ء الماءِ صَديانَ ما شَفى قَرَمي
لم تَرقِها خُدعتي بقولي ولا
فعليَ والسحرُ في يدي وفمي
تشمتُ آماليَ الصحائح في
إشفاءِ حالي فيكم على السَّقَمِ
ويعجَب المجدُ من وجودكمُ
على الغنى قدرةً ومن عَدَمي
وما أقول البحارُ غاضت بأي
ديكم وحالت طبائعُ الدِّيَمِ
لكن عتابي على الحظوظ وشك
واي إليكم تَحيُّفُ القِسَمِ
وأنني في زمان عزّكُمُ
وهو زماني بحالِ مهتضَمِ
كنت أظنّ الأيامَ إن خَدمتْ
إقبالكم أن يكون من خدمي
وأن نيرانكم إذا ارتفعت
أوَّل ما يعتلقن في فَحَمي
وأن تزولَ الدنيا وأنت على
عهدك لي لم تَزُل ولم تَرِمِ
فلا يخبْ ذلك الرجاء ولا
تُهتَكْ مصوناتُ تلكم الحُرَمِ
ولي ديونٌ أُجِّلن عندك قد
أكَلن لحمي وقد شرِبن دمي
فاقض فقد أمكنَتْ وخفِّفْ بها
ظهرَك إن الديون في الذّممِ
واقصِد بها غايةَ الجمال على ال
عادة فيها لا غايةَ القِيَمِ
والبس من المهرجان ضافيةً
في العزّ أذيالُها على القَدَمِ
ينسُجُها السعدُ ما أطال وما
أعرض في الأَسْدِياتِ واللُّحَمِ
معقودةً بالخلود طرّتُها
فما تقول الدنيا لها انفصِمي
وقابلِ الصومَ أبلجَ الوجه جذ
لانَ وعيِّدْ مؤيَّداً وصُمِ
مهيار الديلمي
--------------------------------------------------------------------------------

خيلُكَ من صفا لك في البعادِ .. مهيار الديلمي


خيلُكَ من صفا لك في البعادِ
وجارُك من أذمَّ على الودادِ
وحظُّك من صديقك أن تراه
عدوّاً في هواك لمن تعادي
وربَّ أخٍ قَصيِّ العِرق فيه
سلوٌّ عن أخيك من الوِلادِ
فلا تغررْك ألسنةٌ رطابٌ
بطائنهنَّ أكبادٌ صَوادي
وعِش إمَّا قرين أخٍ وفيّ
أمينِ الغيبِ أو عيشَ الوحادِ
فإني بعدَ تجريبي لأمرٍ
أنستُ ولا أغشُّك بانفرادي
تريدُ خلائقُ الأيّام مَكراً
لتُغضِبَني على خُلقي وعادي
وتغمزني الخطوبُ تظنُّ أني
ألين على عرائكها الشِّدادِ
وما ثهلانُ تشرف قُنَّتاه
بأحملَ للنوائب من فؤادي
تغرِّبُ في تقلُّبها الليالي
عليّ بكلّ طارقةٍ نآدِ
إذا قلتُ اكتفت مني وكفَّت
نزتْ بالداء ثائرة العِدادِ
رعَى سِمنُ الحوادثِ في هُزالي
كأنّ صلاحَهن على فسادي
فيوماً في الذخيرة من صديقي
ويوماً في الذخيرة من تِلادي
يذمُّ النومَ دون الحرص قومٌ
وقلتُ لرقدتي عنه حَمادِ
وما ان الغِنَى إلا يسيراً
لو أنّ الرزقَ يبعثه اجتهادي
وضاحكةٍ إلى شَعرٍ غريبٍ
شُكمتُ به فأسلس من قيادي
تَعُدُّ سِنِيَّ تَعجَبُ من بياضي
وأعجبُ منه لو علمتْ سوادي
أَمانٍ كَّ يومٍ في انتقاصٍ
يساوقُهنَّ هَمٌّ في ازديادِ
وفُرقةُ صاحبٍ قَلِقِ المطايا
به قَلَقُ المدامعِ والوسادِ
تُخفِّضُ بعدَه الأيّامُ صوتي
على لَسَني وتَخفِضُ من عمادي
أقيمُ ولم أقمْ عنه لِمُسْلٍ
ويرحَلُ لم يَسْرِ منّي بزادِ
كأنّا إذ خُلقنا للتصافي
خُلقنا للقطيعة والبعادِ
أرى قلبي يطيش إذا المطايا
إلى الرابين ياسَرهنَّ حادِي
ولم أحسب دُجَيلا من مياهي
ولا أنّ المَطيرةَ من بلادي
ولا أني أبيت دعاى يحدو
إلى تَكريتَ ساريةَ الغوادي
ومن صُعَداء أنفاسي شِرار
تمرُّ مع الجَنوب بها تنادي
أأحبابي أثار البينَ بيني
وبينكُمُ مساخَطةُ الأعادي
سقت أخلاقُكم عهدي لديكم
فهنَّ به أبرُّ من العِهادِ
ورُدَّ عليَّ عندكُمُ زمانٌ
مَجودُ الروضِ مشكورُ المَرادِ
أصابت طيبَ عيشي فيه عيني
فقد جازيتُها هجرَ الرقادِ
فلا تحسب وظنُّك فيّ خيراً
بقايَ وأنت ناءٍ من مُرادي
ولا أنّي يسُرُّ سوادَ عيني
بما عُوِّضتُ من هذا السوادِ
وكيف وما تَلِفُّ المجدَ دارٌ
نأتْك ولا يَضُمُّ الفضلَ نادي
فإن أصبْر ولم أصبر رُجوعاً
إلى جَلدٍ ولم أحمل بآدِ
فقد تُنَى الضلوعُ على سَقامٍ
وقد تُغضَى الجفونُ على سهادِ
وكنتُ وبيننا إن طال مِيلٌ
وإما عرضُ دجلةَ وهي وادي
إذا راوحتُ دارَك لجَّ شوقي
فلم يُقنِعه إلا أن أُغادي
فكيف وبيننا للأرض فَرْجٌ
يماطِل طُولُه عَنَقَ الجيادِ
ومعتَرضُ الجزيرة والخوافي
من القاطول تلمع والبوادي
وُفودٌ من مطايا الماءِ سودٌ
روادفُها تطول على الهوادي
إذا كنّ الليالي مقمراتٍ
فراكبُهنّ يخبطُ في الدَّآدي
لهنَّ من الرياح الهوجِ حادٍ
ومن خُلُجِ المياه العوجِ هادي
إذا قمصت على الأمواج خِيلتْ
على الأحشاء تقمِصُ أو فؤادي
فهل لي أن أراك وأن تراني
وهل من عُدَّتي هي أو عَتادي
سأنتظر الزمانَ لها ويوماً
يطيل يدَ الصديق على المعادي
ظمئنا بعدكم أسفاً وشوقاً
كما جِيدتْ بكم يُبْسُ البلادِ
لعل محمداً ذكَرتْه نُعمَى
تراني ناسياً فيه اعتقادي
وعل اللّهَ يحبرُ بالتداني
كسيرةَ قانطٍ حَسْبُ التمادي
وأقربُ ما رجوتُ الأمرَ فيه
على اللّه اعتمادُك واعتمادي
فلا تعدَم ولا يعدَمْك خلاً
متى ما تعْدُهُ عنك العوادي
يزُرْك كرائماً متكفِّلاتٍ
بجمع الأُنسِ قيل له بَدادِ
نواحبَ في التعازي والتشاكي
حبائبَ للتهاني والتهادي
طوالعَ في سوادِ الهم بيضاً
طلوعَ المكرماتِ أو الأيادي
إذا جرَّتْ ذلاذلَها بجوٍّ
تضوَّع حاضرٌ منه وبادي
لها فعلُ الدروع عليك صوتاً
وفي الأعداء أفعالُ الصِّعادِ
رَبتْ يا آلَ أيّوبٍ وأَثَّت
رُبايَ بكم على السَّنَةِ الجمادِ
فهل رجلٌ يدُلُّ إذا عَدِمتم
على رجلٍ وفيّ أو جوادِ
ومَن أخذَ المحاسنَ عن سواكم
كمن أخذَ المناسبَ عن زيادِ
-------------------------------------------------------------------------

ما المجدُ إلا بالعزيمة فاعزِمِ
من لم يغامر لم يفز بالمغنمِ
كم ذا القُنوع بوقفة المردودِ عن
بابِ العلاء وجِلسةِ المتظلِّمِ
متأخراً بالفضل أُبخَسُ حَقَّه
وأُرَى مكانَ العاجز المتقدّمِ
حتى كأنّ خليجَ قلبي ليس في
صدري ولا سيفَ انتصاري في فمي
قد كان يرتاب الغبيُّ بفطنتي
ويريبني بالعجز فرطُ تلوُّمي
ومشى إلىّ الضيمُ مشيَ تسلُّطٍ
وطُماعةٍ في عفّتي وتسلُّمي
وأصاتت الأيامُ بي قم تحتشمْ
وأشارت العلياء خاطرْ تعظُمِ
إن كنت تُنكر يا زماني جلستي
فلأنهضنَّ لها نهوضَ مصمِّمِ
ولتدعونّي ثائراً مستيقظاً
إن كنتَ أمسِ دعوتني في النوَّمِ
ولأنْفُضنَّ من الهويني منكِبي
نفضَ العُقاب سقيطَ طَلٍّ معتمِ
ولألقينَّك راكباً من عزمتي
جرداء تفتح في الطريق المبهمِ
في كفِّ راكبها عِنانُ مسمِّحٍ
في السبق غرّةُ وجهه لم تُلطَمِ
يكفيه وزعةُ سوطِهِ ولجامه
ما مس في فخذيه إثر المحزمِ
تنضو الجياد كأنها ملمومةٌ
هوت انحداراً من فَقار يلملمِ
تحت الدجى منها شهاب ثاقبٌ
جِنّ الخطوب بمثله لم تُرجَمِ
تهفو على أثر الطرادِ كأنها
قبسٌ تهافتَ عنَ زنادٍ مصرمِ
تجتاب بي أجواز كلِّ تنوفة
عذراءَ ما وُطئتْ وخَرقٍ أعجمِ
وإذا حفِظتُ النجم فيها لم أُبَل
ما ضاع من أثرٍ بها أو مُعلَمِ
ولقد ركبت إلى المآرب قبلها
ظهرَ الخطار سلمتُ أو لم أسلَمِ
أبتاع عزّاً بالحياة ومَن يَمِلْ
حبُّ الحياة به يُهَنْ أو يُظْلَمِ
في فتيةٍ يتصافنون مياهَهم
بالراح من حَلْب السحاب المصرِمِ
وإذا عيابُ الزاد فيهم أصفرتْ
كان المموِّلُ كلّه للمعدمِ
متهافتين على الرحال فناكسٌ
سئم الكَلالَ وناصبٌ لم يسأمِ
والليلُ يطويه السُّرى في مخرِمٍ
عنّا وينشره الدجى في مخرِمِ
والنجم في الأفق المغرّب رايةٌ
بيضاءَ أو خدّ الحصان الملجَمِ
حتى صبَحنا المجدَ في أبياته
والعزَّ في عاديّةِ المتقدِّمِ
كرماء يمسي الضيمُ من أعراضنا
وشخوصنا في مَزلَقٍ متهدّمِ
فكأن أيديَنا الطوالَ علِقْن من
حبل الوزير بذمةٍ وتحرُّمِ
وكأنّ مَسرانا بُغرَّة وجهه
ومَرادَنا من نَيله المتقسّمِ
شعَبَ الممالك رأيُ طَبّ لم يكن
صدعُ الزجاجة قبله بملأَّمِ
جَلَّى على غُلَوائه متعوّدٌ
لم يجرِ طاعةَ حازم أو مُلجِمِ
ماضٍ يرى أن التأخُّرَ سُبّةٌ
ما آنستْ علياه وجهَ تقدُّمِ
خَفَق اللواءُ على أغَرَّ جبينُه
قبلَ اللقاء بشارةٌ بالمغنمِ
يصلُ القناةَ بفضلة من زَنده
ويزيد حدُّ لسانه في اللَّهذمِ
وامتدّ باعُ الملك منه بساعدٍ
متوغِّلٍ قبل الحسامِ المخذمِ
تُزهَى الدسوت إذا احتبى متوسداً
وتضاءلُ الأحسابُ ساعةَ ينتمي
ويردُّ في صدر الزمان براحةٍ
تُزري أناملها بنوء المِرزمِ
بيضاء يخضرّ العنانُ بمسّها
وتَشيبُ ناصية الحِصان الأدهمِ
وإذا تدوفعت السياسةُ أُسندت
من رأيه بجنُوب طودٍ مُعصمِ
وإذا الملوك دعَوا بخالص مالهم
كان الدعاء مؤيّدَ المُلكِ اسلَمِ
يَسِمون خيرَ ملقَّبٍ وضعوا له
تاجَ الفخارِ على جبين المِيسمِ
ويقلّدون أمورهم متعطّفاً
يرعى لحادثِهم حقوقَ الأقدمِ
طَبّاً بأدواء البلاد إذا سرت
للجور فيها عِلّةٌ لم تُحسمِ
جاءت به أمُّ الوزارة فارساً
ولدته بعدَ تعنُّسٍ وتعقُّمِ
متمرّناً أحيا دروس رسومها ال
أولى وزاد فخطَّ ما لم يُرسَمِ
فندت ظُبا الأقلام يخدُمها الظّبا
ويقادُ ألفُ متوَّج بمعمَّمِ
لله درّك والقنا يزَعُ القنا
بك والفوارسُ بالفوارسِ ترتمي
والخيل تعثرُ في الوغى برؤوسها
متبرقعاتٍ بالعَجاج الأقتَمِ
وعليك من طيش الحلوم سكينةٌ
وعلى سفاه الحرب ثوبُ تحلُّمِ
ومُفاضةُ الأذيالِ يُحسَب متنُها
أدراجَ ماء في الغديرِ منمنَمِ
رتقاء يزلَق بالأسنّة سردُها
زلَقَ الصفاةِ بليلةً بالمنسِمِ
ما زرّها جبن عليكَ وإنما
حكموا بفضل الحزم للمستلئمِ
كم قدتَ من عُنُقٍ بسيفك لم يُقدْ
فإذا ظفِرتَ رحِمتَ من لم يَرحَمِ
وإذا الإباء المرُّ قال لك انتقم
قالت خلائقك الكرام بل احلُمِ
شرعٌ من العفو انفردتَ بدينه
وفضيلةٌ لسواك لم تَتَقدّمِ
حتى لقد ودّ البريء لو أنه
أدلى إليك بفضل جاهِ المجرمِ
لا تصلح الدنيا بغير معدّلٍ
يَسقِي بكأسَيْ شهدها والعلقمِ
يقظان يبسُط راحةً أخَّاذةً
بحقوقها من مغنمٍ أو مغرَمِ
إن سيل رفداً فهي يَنبوعُ الندى
أو سيم ضيماً فهي ينبوعُ الدمِ
والناس إما راغبٌ أو راهبٌ
فاملكهُمُ بالسيف أو بالدرهَمِ
ضحِكتْ بك الأيامُ بعد عبُوسها
وأضاء عدلك في الزمان المظلمِ
وتذلَّلتْ لك كلُّ بكرٍ صعبةٍ
في الملك فارَكتِ الرجالَ وأيِّمِ
كم نعمةٍ لك ألحقتْ متأخّراً
بالسابقات وحلّقتْ بمحوِّمِ
وعطيّةٍ أسرفتَ فيها لم تعُدْ
في إثرها بلواحظِ المتندّمِ
أنا غرس نعمتك ارتوت بك أيكتي
بعد الجفوف وقام عندك مَوسمي
أبصرتَ موضعَ خَلّتي وسمعتَ لي
وسواك من قد صَمَّ عني أو عَميِ
أغنيتني بجَداك حِلّاً واسعاً
عن ضيّق بندى سواك محرَّم
ورفعتَ عن بلل اللئام ورشحهم
شفَتي ببحرٍ من نوالك مفعَمِ
وحقنتَ طَوْلاً ماءَ وجهي عنهُمُ
فكأنما حقَنتْ يمينُك لي دمي
قد كنتُ عن مدح الملوك بمعزل
وعن السؤال على طريقٍ أيهْمِ
لا يُشفِق البخلاءُ من غضبي ولا
أرضَى بفضل عطيّةِ المتكرّمِ
فنقلتَ بالإحسان تالدَ شيمتي
ونقضتَ شرطَ تقلّلي وتحشمي
وأنلتني ما لم أنل فعلمتُ من
عادات شعري فيك ما لم أعلمِ
ولبستُ أنعمَك التي من بعضها
أن صرتُ مضطلعاً بشكر المنعمِ
فلئن أطاعك خاطري أو أفصحتْ
لك من إِبايَ بناتُ فكرٍ معجِمِ
وملكتَ من مدحي الذي لم يملكوا
إلا بفرطِ تكلُّف وتجشمِ
فبما نشرتَ منوِّهاً من سُمعتي
وشهدتَ غير مقلِّد بتقدمي
ونصرتَ فيَّ الحقَّ غيرَ مراقَب
وحكمتَ بالإنصاف غيرَ محكَّمِ
ولئن بقيتُ لتسمعنّ غرائباً
لم تُعطَها قبلي قُوَى متكلِّمِ
تلك المحاسنُ منجَباتُ بطونها
لك بين فذٍّ في الرجال وتوأمِ
يقضِي الحسودُ لها قضاءَ ضرورةٍ
بفضيلة الطاري على المتقدمِ
تنقادُ بين يديك يوم نشيدها
لفمي خِطامةُ كلِّ سمع أصلمِ
يتزاحمون على ارتشاف بيوتها
حشدَ الحجيج على جوانبِ زمزمِ
ذَخَر الزمانُ لعصر ملكك كنزَها
حتى تكونَ منيرةً بالأنعمِ
وإذا زففتُ لديك من نحلاتها
عِظمَ الفصاحةِ في المقال الأعظمِ
نطقتْ فصاحتُها بأنّي واحدٌ
والشعرُ بين ملَجلَج ومجمجَمِ
قد عُطِّلت سُبُلُ القريض فكلُّهم
يتخابطون بجُنح أعشَى مظلمِ
ما بين حيْرةِ قائلٍ لم يحتشم
كشْفَ العيوب وسامع لم يفهمِ
وتكاثَر الشعراءُ كثرةَ قِلَّةٍ
فغدا السكوت فضيلةً للمُفحمِ
فتمَلَّ مدحي واحتفظ بي إنني
زادُ المقلِّ ونُهزةُ المتغنِّمِ
واعطف علي وقد عطفت وإنما
أبغى المزيد وقد بدأت فتمّمِ
أعطيتَني سرّاً ولكن لم يبن
بالمال عندك شهرتي وتوسُّمي
فأجلْ على عِطفي علامةَ مفخر
يُثنيِ برأيك فيّ من لم يعلمِ
يعلو بها بين الأعادي ناظري
ويبين فضلُ تحقُّقي وتحرُّمي
وأعنْ على دنيا حملتُ ثقيلَها
بك مع تلاشي بنيتي وتهدُّمي
لا تبلُني فيها بغيرك حاكماً
لم أخلُ من شكوى بها وتظلُّمِ
وسنان عن حقّي إذا نبّهتُه
قالت خلائقُه الجعادُ له نمِ
لولاك لم أظفَر بنهلةِ طائرٍ
من مالهِ المتأجِّن المتأجِّمِ
يا بردَ أحشائي صبيحةَ قيل لي
هذا الوزير فطب صباحاً وانعَمِ
فكأنّ أوبةَ مالكٍ ولك البقا
طرَقتْ بها الأخبارُ سمعَ متمِّمِ
عادت إلى دار السلامِ سُعودُها
بك فارعها وأقمْ عليها واسلمِ
وهبِ الوصالَ لأنفسٍ مشتاقةٍ
شَوْقَ العِطاشِ إلى السحابِ المُرهمِ
لا حُوِّلَتْ عنّا ظلالُك إنَّها
متقيَّلُ الضاحِي ومأوَى المُعتمِ
وخلا الزمانُ وعمرُ ملكك خالد
لم ينتقِضْ هَرَماً ولم يتخرَّمِ
وطلعت بالإقبال أشرف طالع
من أُفقهِ وقدِمتَ أسعدَ مقدَمِ
ولبستَ للعيدين ثوبَيْ دولةٍ
أرِجَيْنِ بين مُرَقَّشٍ ومُرَقَّمِ
يصفانِ طَوْلَك بين ماض معرِبٍ
بلسانِ رحلتِهِ وآتٍ معجِمِ
فخرت بك الأيامُ حتّى كلُّها
عيدٌ إلى أيَّام ملكك ينتمي
وغدت عيونُ الناس عنك كليلةً
فأعيذُ مجدَك من عيونِ الأنجمِ
------------------------------------------------------------------------

----------------------------------------------------------------------
----------------------------------------------------------------------